يوليو 12, 2023
– الكتاب: صفحات من تاريخ الكفاح الفلسطيني
– الكاتب: علي بدوان
– الصفحات: 271
– الناشر: دار صفحات للدراسات، دمشق
– الطبعة الأولى 2008
صوت النرويج/20 اغسطس2008/اوسلو/دمشق/ صدر قبل ايام عن دار صفحات دمشق كتاب صفحات من تاريخ الكفاح الوطني الفلسطيني للكاتب علي بدوان.
ويقول الكاتب بدوان عن كتابه:
يحاول هذا الكتاب رصد واستعراض ببلوغرافيا نشأة وتطور العشرات من القوى والتنظيمات والحركات والأحزاب والجبهات الفلسطينية بعد نكبة الفلسطينيين الكبرى التي حصلت في عام 1948، وثمة محاولات جادة في فصول الكتاب لقراءة نهوض الحركة الإسلامية المقاتلة في فلسطين في انبثاقها الذي أسهم في توالد الجديد من التحولات في الخريطة السياسية والأيديولوجية في الساحة الفلسطينية.
وفي الكتاب حقيقة ساطعة تتعلق بتدوين ذاكرة شيء من الكفاح على لوحة الموزاييك الفلسطينية التي تعج بألوان الطيف الأيدلوجي الفكري والسياسي، وقد ارتسمت في فصول الكتاب المختلفة مسارات الفعل الكفاحي بتداعياته المتشعبة، حيث تراوحت بين القلم وبندقية الثائر التي أعادت القضية المغيبة إلى أجندة العالم واهتماماته.
لقد تضمن الكتاب اثني عشر فصلا يرصد كل منها رزمة من حركات المقاومة الفلسطينية في سياق النضال الوطني الذي ما زلنا نشهد فصوله، إذ سيتوج بنصر نهائي على الكيان الصهيوني الذي تم إنشاؤه في ظروف سياسية استثنائية قبل ستة عقود.
إرهاصات النهوض وبروز المقاومة
في الفصل الأول والثاني من الكتاب تحدث الكاتب عن البدايات الصعبة والتأسيس لانطلاقة العمل المقاوم وأشار إلى أن نكبة الفلسطينيين والشتات ومحاولات تذويب الهوية أدت إلى الالتحام الفلسطيني مع المحيط العربي من أجل مقاومة شطب الهوية.
وقد أدى هذا إلى نشأة الكثير من القوى الفلسطينية من تلاوين فكرية متنوعة وصولا إلى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في 28-5-1964، حين ضمت ائتلافا من القوميين واليسار الوطني منذ الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني بعد استقالة رئيس المنظمة الأسبق أحمد الشقيري في 24-12-1967.
ويؤكد الكاتب أن ثمة قوى برزت قبل انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وقبل نشوء منظمة التحرير الفلسطينية، ومنها: الهيئة العربية العليا لفلسطين التي أسست في 12-6-1946، واللجنة المركزية للاجئين التي أسست في سوريا عام 1952.
وتعتبر حركة القوميين العرب من أهم الحركات التي ظهرت بعد نكبة عام 1948 وقبل الثورة المعاصرة نظرا لانتشارها بشكل واسع بين لاجئي الشتات، وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد أسسها الراحل جورج حبش عام 1952.
ومن القوى الأخرى قبل الثورة المعاصرة كتائب الفداء العربي التي تشكلت عام 1949، والاتحاد القومي العربي الذي تم تأسيسه عام 1958 في قطاع غزة، وفي سوريا عام 1960.
ومن القوى أيضا منظمة الشباب الفلسطيني عام 1954 وفوج التحرير الفلسطيني في مارس/آذار عام 1960 وشباب الثأر الجناح العسكري لحركة القوميين العرب عام 1960 ورابطة أبناء فلسطين بالعراق في مارس/آذار عام 1960 والعاصفة على يد النابلسي عادل عبد الكريم وهو أحد القيادات المؤسسة لحركة فتح في الكويت والخليج العربي.
كما نشأت في سوريا أول مجموعة طلاب بعد نكبة عام 1948 بقيادة محمود عباس أبو مازن وضمت عبد الله الدنان وعمر حوراني ويحيى البنا وظافر الخضراء ومحمود المغربي وانضمت بغالبيتها إلى حركة فتح بعد انطلاقتها في فجر الفاتح من يناير/كانون الثاني 1965.
كما تجدر الإشارة إلى أنه تم تشكيل القوة العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية تحت شعار جيش التحرير الفلسطيني في التاسع من سبتمبر/أيلول عام 1964.
نكبة الفلسطينيين والشتات ومحاولات تذويب الهوية أدت إلى الالتحام الفلسطيني مع المحيط العربي من أجل مقاومة شطب الهوية
ائتلاف منظمة التحرير والأجنحة العسكرية
رصد الكاتب في الفصلين الثالث والرابع المقدمات التي أدت إلى نشأة حركة فتح وقادتها التاريخيين وجناحها العسكري، ونقصد هنا قوات العاصفة التي سطع اسمها في فجر يوم 1-1-1965 إثر عملية نسف أنبوب المياه القطري في بلدة عيلبون داخل فلسطين المحتلة عام 1948 حيث قاد محمد شرف دندش الدورية الفدائية التي انطلقت من الأراضي السورية لتعلن انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة على يد حركة فتح.
ونتيجة ظهور حركة فتح وتوسعها اندمج فيها العديد من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة مثل طلائع الفداء وفرقة خالد بن الوليد بقيادة الشهيد صبحي ياسين وجبهة التحرير الوطني الفلسطيني بقيادة حسن الصباريني أبو حلمي وجبهة ثوار فلسطين وغيرها.
وانتقل الكاتب يدون الانطلاق العسير للحركات الفلسطينية التي شكلت ائتلاف منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1968، ومن تلك الحركات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والقيادة العامة، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني ومنظمة الصاعقة والجبهة الديمقراطية، والحزب الشيوعي، وحزب فدا الذي نشأ بعد اتفاقات أوسلو في الأراضي الفلسطينية.
كما أشار الكاتب إلى روافد الثورة الفلسطينية المعاصرة مثل تنظيم أبطال العودة وتكتل الفدائيين المستقلين وقوات الجهاد المقدس وعصبة اليسار الفلسطيني وعشرات من الحركات الفلسطينية التي اندثرت خلال عقود بعد انطلاقة الثورة المعاصرة.
الانتفاضة والأجنحة العسكرية
بذل الكاتب جهدا واضحا في تدوين انطلاقات وظهور الحركات والكتائب العسكرية الفلسطينية في داخل الأراضي الفلسطينية إبان وبعد الانتفاضتين الأولى نهاية عام 1987 والثانية نهاية سبتمبر/أيلول عام 2000.
ومن تلك الحركات العسكرية التي عددها في الفصل الخامس من الكتاب: كتائب الفهود السود -وهي مجموعة عسكرية انبثقت عن حركة فتح- وكتائب الشهيد أحمد أبو الريش وهي حركة تتبع حركة فتح في قطاع غزة والضفة الغربية، وكتائب العودة وينضوي تحتها كوادر سابقون من فتح والقيادة العامة والجبهة الديمقراطية وجبهة التحرير الفلسطينية والصاعقة وجبهة النضال الشعبي.
إضافة إلى ذلك برزت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى التابعة للجبهة الشعبية وكذلك النسر الأحمر وكتائب النجم الأحمر التابعة للجبهة الديمقراطية، ومن الحركات كتائب شهداء فلسطين وكتائب عمر المختار وفرسان العاصفة.
نتيجة ظهور حركة فتح وتوسعها اندمج فيها العديد من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة مثل طلائع الفداء وفرقة خالد بن الوليد وجبهة التحرير الوطني الفلسطيني وغيرها
مقدمات الإسلام السياسي المقاوم في فلسطين
أكد الكاتب في الفصول الخمسة الأخيرة من الكتاب على نقطة رئيسية مفادها عدم وجود صيغ تنظيمية واضحة لحركات الإسلام الفلسطيني في فلسطين قبل نكبة عام 1948، لكن ذلك لم يمنع من بروز قوى إسلامية منضوية في إطار العمل الوطني العام ضد الانتداب البريطاني وهي التي عرفت بالإسلام الشعبي بقيادة الشهيد عز الدين القسام.
وبعد النكبة اقتصر انتشار حركة الإخوان المسلمين وحزب التحرير على تجمعات الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، لكن لا بد من الإشارة إلى أن حركة فتح ولدت من رحم الإخوان المسلمين في قطاع غزة في خمسينيات القرن الماضي.
وأكد الكاتب أنه ما بين سنتي 1949 و1955 بزغت بدايات التيار الإسلامي في قطاع غزة إلى جانب البعثيين والقوميين في مقاومة الاحتلال الصهيوني، وتشكل سرا في أغسطس/آب من عام 1967 ائتلاف سياسي في القطاع ضم الإخوان المسلمين وقوى فلسطينية وجماعات مستقلة.
وفي داخل الخط الأخضر نشأت نواة حركات إسلامية فلسطينية ولم تغب بعد النكبة رغم الظروف القاهرة المفروضة بفعل سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
وثمة حركات إسلامية في إطار الأحزاب والحركات الفلسطينية داخل الخط الأخضر، ومن أهم قادتها الشيخ رائد صلاح الذي يترأس مؤسسة الأقصى الناشطة من أجل الدفاع عن الأقصى وحمايته من التهويد، والشيخ عبد الله نمر درويش.
ويشير الكاتب إلى أن مسيرة المقاومة الإسلامية بدأت منذ عام 1981 حين أنشأ رموز من الإخوان المسلمين في القطاع أسرة الجهاد وتوجوا ذلك بانطلاقة انتفاضة عام 1987.
وفي هذا السياق برزت حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد بيانها الأول في 15-12-1987 كحركة جهادية لها وزنها في ساحة العمل الوطني والإسلامي المقاوم للاحتلال الإسرائيلي؛ وتعتبر هذه الحركة امتدادا لحركة الإخوان المسلمين.
وبهذا تم التأكيد على أن حركة حماس تمثل التيار الرئيسي لحركة الإسلام السياسي المقاوم، وهي تتشكل من أربعة أجنحة من أهمها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري.
في داخل الخط الأخضر نشأت نواة حركات إسلامية فلسطينية ولم تغب بعد النكبة رغم الظروف القاهرة المفروضة بفعل سياسات الاحتلال الإسرائيلي
وبفعل وزنها السياسي والشعبي باتت هذه الحركة تشكل وزنا نسبيا كبيرا في إطار النظام السياسي الفلسطيني، وقد اتضح ذلك في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، حين حصدت الحركة غالبية المقاعد في المجلس.
وفي السياق ذاته نشأت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، التي يشير بعض قادتها إلى أنها ليست حركة منشقة عن الإخوان المسلمين بل عاش بعض قادتها تجربة الإخوان المسلمين، وتبلورت الحركة منذ عام 1980، وكان من دوافع نشأتها وتكوينها إهمال الحركة الإسلامية للمسألة الفلسطينية ناهيك عن واقع الحركة الوطنية الفلسطينية.
وباتت هذه الحركة قوة رئيسية في إطار الإسلام السياسي الفلسطيني والمشهد السياسي الفلسطيني بشكل عام، وللحركة جناح عسكري قوي يتمثل بكتائب سرايا القدس.
أهمية الكتاب
تكمن أهمية الكتاب في أنه استفاض في تأريخ نشوء الحركات والأحزاب والفصائل الفلسطينية بعد نكبة عام 1948.
وقد عزز البحث الدراية الكبيرة التي يتمتع بها الكاتب في تاريخ القضية الفلسطينية وتداعياتها المختلفة، لكن الجديد في البحث هو رصد المقدمات التي رسمت على الأرض بروز الإسلام السياسي المقاوم بقوة في المشهد السياسي الفلسطيني الراهن
//انتهى/ الكاتب علي بدوان/ إدارة التحرير صوت النرويج.