مقال اليوم : آذار… الشهر الكُردي

صوت النرويج / اوسلو / ليس من الصدفة أن تجتمع أفراح وأتراح الشعب الكُردي في شهر آذار، فآذار الكُردي مليء بأحداث جميلة وأخرى حزينة ومؤلمة.

فشاءت الأقدار أن يكون الحادي والعشرون من كل آذار يوماً وطنياً للشعب الكُردي، حيث يحتفل الكُرد وعدد من شعوب الشرق وآسيا بالنوروز أو رأس السنة الكُردية والفارسية.

ولو اختلفت التسميات والمناسبات في هذا اليوم، يبقى للكُرد الحصة الجميلة فيه كيوم يخرج الناس فيه للطبيعة ويرقصون ويفرحون.

وشاء القدر أن يولد ويموت في آذار عدد كبير من العظماء الكُرد كالزعيم الكُردي الراحل مصطفى بارزاني، والفنان محمد شيخو، وغيرهما. وتتوالى الأحداث الكردية في آذار إذ أن أول اتفاقية للاعتراف بالحكم الذاتي لكُرد العراق كانت في 11 آذار 1970.

بيد أن الأهوال التي لحقت بالكُرد أيضاً كانت في كبد آذار، إذ أن مذبحة حلبجة التي قام بها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في يومي 16 و17 آذار 1988 كانت لأفظع مجازر العالم الحديث، بعد الحرب العالمية الثانية. حيت قتلت غازات صدام حسين الكيماوية أكثر من 5000 كُردي في حلبجة وما جاورها وضعفي العدد من الجرحى والمرضى الذين تأثروا بسمية تلك الغازات.

انطلقت ثورة آذار الكُردية في سوريا في 12 آذار 2004 قبيل مباراة لكرة القدم بين فريقي الجهاد الكُردي من قامشلو وفريق الفتوة العربي القادم من دير الزور.

تراشق للحجارة بين جمهوري الفريقين، أدى إلى تدخل قوات النظام السوري الأمنية بفتح النار على الجمهور الكُردي ما أدى إلى استشهاد 9 شبان.

وفي اليوم التالي أي 13 آذار وأثناء توجه المشيعين إلى المقبرة لدفن شهداء الأمس، أكمل النظام السوري عبر مخابراته وقوة الجيش والأسناد الشرطي التي جيئت ليلاً إلى المدنية بفتح النار على الجموع الغاضبة حيث قتلت 24 متظاهراً في قامشلو، وفي 16 آذار قتلت 5 متظاهرين في عفرين. واستشهد العديد تحت التعذيب. لتبدأ بعد هذا التاريخ حوادث اغتيال الجنود الكُرد أثناء الخدمة العسكرية الإلزامية، والذين بلغ عددهم 48 عسكرياً كُردياً حتى بداية 2011.

كما استشهد المحمدون الثلاثة مساء 20 آذار 2008 وذلك عندما فتحت قوات الأمن السورية النار على المحتفلين الكُرد بقدوم النوروز، حيث كان الفتية والفتيات يرقصون حول حلقات النار المشتعلة، كعادة الكُرد القديمة.

إن صادف انطلاقة الثورة السورية في 15 أو 18 آذار كما يحلو لبعض السوريين تحديدها، فإن الكُرد كانوا سباقين لبدأ الثورة ضد طغيان آل الأسد وسياسات حزب البعث الشوفينية، وضد سلطة وتسلط وقمع الأجهزة الأمنية.

كان الكُرد سباقين لتنظيم المظاهرات في الأحداث الكُردية الواقعة في شهر آذار. ولطالما كانت المناطق الكُردية من سوريا تشهد حوادث قتل واعتقالات وانتهاكات فظيعة بحق الإنسان الكُردي، أذار كان يرعب النظام السوري بكل جبروته وقوته.

آذار الذي أسقط فيه كاوا الحداد اسطورة أزدهاك الظالم، وأشعل النار على الجبل إيذاناً باليوم الجديد “نوروز” يوم خلاص المظلوم من طغيان الظالم، كان يسعد الكُرد ويحزنهم… لكنه ما يزال الشهر الكُردي بامتياز.

مسعود عكو : كاتب وصحفي كردي سوري مقيم في النرويج

قد يعجيك ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زات صلة