مقارنة “بيئة العمل ” في الدول الاسكندنافية ودول الخليج العربي مثلا

صوت النرويج 27 يناير 2009/اوسلو/الدول الاسكندنافية/ تُعد “بيئة العمل” مصطلحا شاملا لقائمة لكل ما يهم العامل ويؤثر في أدائه وكفاءته في العمل. وبينما ينصب اهتمام الموظف على تلك البيئة ورضاه عنها، فإن الإدارة العليا على الجانب الآخر ينصب اهتمامها على “الربحية” كمقياس لتحقيق أهداف المنشأة.

ولأهمية “بيئة العمل” بحث كثير من الدراسات الأكاديمية العلاقة بين الرضا الوظيفي وبين الربحية، وتوصلت هذه الدراسات إلى أنه توجد علاقة قوية بين الرضا عن بيئة العمل والربحية.

إن بيئة العمل ذات أهمية في الرقي بالموظفين والرفع من أدائهم باعتبارهم أهم الأصول لأي منشأة.

طبعا في الدول الاسكندنافية لايحق للرب العمل اهانة العامل كما يحدث للكثير من العامليين في دول عربية وتحديدا الخليجية منها. اضافة هنالك نقابات تدافع عن حقوق العمال ولايوج شيئ أسمه كفيل هنا. إذا ماكانت لديك وظيفة هنا تحصل على الاقامة الدائمة بعد اربع سنوات والجنسية بعد سبع سنوات على الاكثر.

والواقع أن الرقي ببيئة العمل يعد ثقافة بحد ذاته تنبعث من المجتمع قبل أن يتلقفها قطاع الأعمال، وفي هذا المجال، نجد أن شركات عالمية بل دول كثيرة قد سبقت مجتمعاتنا العربية في ترسيخ ثقافة بيئة العمل وارتباطها بالمجتمع. ولعل من أهم الجوانب التي يُركز عليها في بيئة العمل ما يُعرف بـ “التوازن بين العمل والنواحي الاجتماعية”. وعلى الرغم من أن ثقافتنا الإسلامية أصلت هذا الجانب من خلال مفهوم “عمارة الأرض” و”الخلافة في الأرض” اللذين يركزان على التوازن وعدم طغيان الجانب المادي على الجانبين الروحي والاجتماعي. وعلى الرغم من ذلك، فقد أهمل قطاع الأعمال إلى وقت قريب هذه القيم لعدم إدراكه ارتباطه بالربح المادي حتى قام مفكرو الغرب بإحياء هذه الأفكار وربطها بالعمل. ولعل من أشهر مفكري الغرب الذين ربطوا بين النجاح في الحياة والعمل وبين الرضا الإلهي جون كالفن الذي استغل هذه المفاهيم في الربط بين النجاح في الحياة والدين. ومع مرور الوقت أصبحت مفاهيم الجد والاجتهاد في العالم الغربي مسألة ثقافية غير مرتبطة بالدين.

ومن الدول التي أصبحت مضرب المثل في نجاح الأعمال على مستوى العالم، الدول الاسكندنافية حيث تُعد فنلندا والدنمارك والسويد من بين خمس دول تحتل المراكز العليا في المنافسة في العالم، كما تأتي النرويج وآيسلندا ضمن الدول التي تحتل أعلى 15 مركزاً. والغريب أن شعوب هذه الدول لا يكدون في العمل هذه الأيام، فالناس في هذه الدول الخمس يعملون ساعات أقل في العام، وعدد سنوات مهنية أقل مقارنة بالشعوب في كل من اليابان أو الولايات المتحدة أو ألمانيا، أو تقريباً في أي مكان آخر. فما سر النجاح؟

صبعا يستشنى هنا الموظفين العامليين بالسفارات العربية في هذه الدولو الذي تقريبا لايطبق رب العمل اي السفير قانون العمل لساعات محدد بل هنالك ضرورة العمل اوقات اطول دون زيادة بالرواتب.

إن الإجابة هي أن المواطنين في دول شمالي أوروبا يهتمون اهتماماً جاداً بأوقات الفراغ مثلما يهتمون بالعمل. إذا التوازن الجيد بين الحياة والعمل يعتبر بالقدر نفسه من الأهمية. فالتوازن الجيد بين العمل والحياة علامة تدل لديهم “أنك ضمن الأشخاص المختارين”. وبعبارة أخرى، فإن الأخلاق الدينية – لديهم- الخاصة بالعمل تمت تكملتها بالأخلاق الدينية الخاصة بأوقات الفراغ. وهكذا حققت تلك الدول تفوقا ونجاحا على جميع دول أوروبا. والغريب أنهم حققوا نجاحات من خلال قضاء ساعات عمل أقل ومن خلال قضاء وقت كبير مع أسرهم وفي ممارسة هواياتهم. كما حققوا نجاحات دون التضحية بإجازة الصيف الطويلة، والاستمتاع بعطلات نهاية الأسبوع.

إن نهج التوازن بين العمل والحياة أصبح سمة للعمل في الدول الاسكندنافية. فقد كشفت دراسة تم إجراؤها أخيرا من قبل جامعة تامبير ، عن أن الأجانب العاملين في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في فنلندا، يعتبرون وجود توازن صحي بين الحياة والعمل، هو أكثر الجوانب جاذبية في الحياة في فنلندا. وكما عبّر أحد الموظفين عن ذلك حيث قال: هم بالفعل يتوقعون منك أن تترك العمل عند الساعة الرابعة أو الخامسة بعد الظهر!

وفي ضوء التجربة الاسكندنافية في التوازن بين العمل والحياة، لا بد أن يدرك القطاع الخاص لدينا أهمية تلك المفاهيم لارتباطها بتقاليدنا أولاً، ولتأثيرها في كفاءة المنشأة وربحيتها ثانياً.//انتهى/ادارة تحرير صوت النرويج

قد يعجيك ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زات صلة